الأحد، 26 أغسطس 2012

من وحي الشيطان

   قصة قصيرة بقلم:حسن إدريسي
     اشتقت لها بعد أن كسر دماغي السهر وعجزت عيناي عن رؤية النور وحقيقة الأشياء ، وضعت الغلاية على نار خافتة، تصاعد دخانها فتحقق الغليان، أخذت كأسا كبيرا وفيه صنعتها سوداء تشوبها حمره،
معتقة وما هي بالخمره، تسحرني وتخدر عقلي وما أعلم بحرمتها .
أمعنت النظر في الكأس بصعوبة لأن النوم أبى أن يفارق جفوني، صفع عطرها أنفي فاهتزت له مشاعري خلسة وتسللت اليقظة إلى عيناي فأبصرتها سمراء يعلو رأسها حجاب أبيض.
ارتعدت شفتاي شوقا فقبلت رأسها قبلة سقط لشوقها الحجاب، فبرزت مفاتنها وماست أطرافها، أصابها الخجل ولم تملك جرأة لمقاومة الموقف سوى أن غرست عينيها في الأرض.
سحبتها من يدها فرفعتها عن الأرض واتجهت بها نحو الدرج قاصدا سطح المنزل لعلي أجد خلوتي.
جلست على كرسي متوسط الارتفاع ويدي ملتصقة بيدها. تغزلت بها و إن لم تكن مخضبة.
عدت إلى نفسي متسائلا كيف لي أن أتغزل بيد لا أنملة فيها ؟!، وبوجه لا أسيل ولا مستدير؟!.
تغير لونها وكأني بها فهمت ما يخامر نفسي فتقيدت غما وهمت تقول :" أبعد السنوات الطوال التي قضيناه معا تفارقني؟.
نفيت وألصقت يدي بيدها مرة أخرى وسرنا نتبادل القبلات حتى اختلط جسمها بجسمي وذابت ذاتها في عروقي.
أمهلتني حتى أخذت نفسا عميقا وأنشأت تنظر إلي نظرات تختزل ما في نفسي من الأحزان، فأهمني همها وقلت: لعلها فهمت ما بدواخلي.
اسمعي فقد أقمتي في نفسي ومن دون مؤاخذة، وأنا كما تعلمين لا أحب أن أكون متلونا أمدح اليوم من ذممته بالأمس؛ لأن ذلك سيجعلني مخادعا. شربت من حلوك ومرك وعليك أن تعلمي أنني في هذه المدة كنت أسير على حال
الحائر المضطرب الذي فقد صوابه ولم يجد من يأخذ بيده ويدله على نفسه. فأنا لم أهجرك لأني ضقت بأمرك ولكن لوجود حائل حال بيني
وبينك فأحال علي وما أحسبه فعل ذلك.
و اعلمي أنك أخذتي من نفسي مأخذك عندما قضيتُ صحبتك عهدا طويلا.
شهقت متظاهرة بتسلل البرد إلى جسدها وقالت: ألا تكلف نفسك مسح دموعي؟. قلت: بلى وأخذت الكأس إلى المطبخ لأغسلها فأوحى لي شيطاني
بكتابة هذه السطور، وقبل ذلك عدت لكأس القهوة فامتصصت آخر نقطة بقيت عالقة في قعره.


اا لقراءة القصة من المجلة اضغط
هنـــــــــــا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق