اليوم يوم جمعة،الطريق إلى السوق كالعادة مكتظ بالمتسوقين، ما بين راكب و راجل، و كأن كل من في القرية انكب إلى السوق، كل يلغي بلغوه، كلام ووشوشات، شهيق و نهيق،أصوات و أصوات تجتاح فجوات الليل البهيم
وأنا كوديعة، مقمط ومدفى بقماش قديم ، مطمئن البال ، محمولا على ظهر حمار أسود مائل إلى الزرقة، يمشي بثباث ، تارة يسرقني النوم فأغمض عيني و لا أفتحهما إلا إذا نهق الحمار أو كبا ، أما خوار العجول فقد اعتادته طبلتا أذني أنسا لوحشة الطريق، بينما أبي في حيرة بين أمرين ، عين على طفل نائم على ظهرحمارمخافة ان يسقط سهوا من فوق، و عين على سياقة ثور بين حمرة و سواد، متوحش يدك الأرض دكا،يندفع بجنون، يركل برجليه و ينطح بقرونه الحادة جنبات الطريق وكل من هب ودب حواليه، يساعده في ذلك رجل حاذق مشمر على ساقيه و ساعديه،اكتراه خصيصا لهذا الغرض.
وصلنا السوق و لم يهلل بعد مهلل،تشاور الشيوخ فيما بينهم، هل يستقدمون الأمرأم ينتظرون ما بعد صلاة الفجر، فمن قائل أن عجلوا بالبيع و من قائل أن انتظروا حتى يتبين الخيط الابيض من الخيط الأسود،بعد أخذ و رد إتفق القوم على ولوج السوق قبل اكتظاظ رحابه، حينها تركنا ودائعنا و حميرنا بفندق بلدي شبه مهجور، و انتشرنا في السوق انتشار النار في الهشيم، كل نحو وجهته.
كاد أبي أن ينساني و هو يهرول مذعورا وراء الثور المتوحش، يجر أطراف جلابيبه منتعلا "بلغة" تنفلت بين الفينة و الأخرى من راحتي قدميه وأنا أكبو لاهثا وراء شارته التي تظهر و تختفي وسط زحام من الراجلين ، واضعا نصب عيني جلبابين من صوف، الفوقي أسود و التحتي لا يرى منه سوى مخروط أبيض ناصع، تارة أمسك بأطراف الجلباب وأخرى ينفلت مني...
دخلنا رحبة البهائم، بعنا الثور وبرحنا المكان فورا، خوفا من اللصوص الذين غالبا ما ينشطون في هذه الرحبة بالذات .
اختفت علي شارة أبي برهة، حتى ظننت أني تهت في السوق، لكن سرعان ما اقتربت من الجلباب الأسود و أمسكت بأطرافه دون أن يدرك أبي ما حصل.
في طريقنا إلى رحبة الثوب،مررنا بعدة رحاب مكتظة بالأرهاط، تغلي غليانا ما بين هجيح و ضجيج و أبواق تعلوقرن السماء.
منتشيا بالفرح تحكمت هذه المرة بأطراف الجلباب الأسود ،فاغرا فاهي في الباعة و بضائعهم المختلفة و المتنوعة ، وكذلك في المشتهيات، من حلويات مزخرفة وملونة، و كل الغرائب و العجائب من أنواع وأشكال اللعب و الدمى الجامدة و المتحركة وو.. وكل ما يسيل لعاب طفل في مثل سني، لكني ترجلت و لجمت نفسي ، متوعدا إياها بأن لن أطلب من أبي أي حاجة تغريني مهما علا شأنها، و لو كانت حلوى ... إلا إذا إشترى لي أولا معطفا بدويا أحمرا ذو جيوب كبيرة و نعلا بلاستيكيا أخضرا جميلا كما وعدني بذلك قبل بيع الثور، و بعد ذلك لي من الطلبات ما أشتهي...
تجولنا في السوق زنقة زنقة ، وتنقلنا بين الرحاب رحبة رحبة وأنا ماسك بأطراف الجلباب الأسود و عيني هائمتين بين السلع المعروضة هنا و هناك،أتفرسها بنظرات ثاقبة، و بين الفينة و الأخرى أتساءل عن سر صمت أبي اللامعتاد، وعن قسوة قلبه ، لماذا مررنا ببائع الحلوى يا ترى و لم ينتبه لسيولة لعابي؟ و مررنا كذلك ببائع الإسفنج و لم يشبع رغتي دسما كالعادة؟ لا ، لا.. هذه القسوة ليست من شيم أبي و لا هي من عاداته ، بل ربما لأنه مذعور من اللصوص الذين يجوبون كل أطراف السوق، ثم إن كراسة النقوذ الغليضة قد تكون مخزونة أسفل حجره، لا يمكن إخراجها إلا في مكان آمن ..
كبت كل ما يشتهي هذا الطفل في، و صبرت كثيرا على حالي و نحن نطوف أرجاء السوق، حاكما قبضتي كالعادة على اطراف الجلباب، إلى ان وقفنا على بائع للملابس ، دون شعور جحظت عيناي في أشكال و أنواع المعاطف المعروضة وسرح خيالي هنا وهناك، غير آبه فيما يدور بين أبي و البائع من حوارإلى ان تفاجأت بقميص بني اللون و ليس أحمر كما إتفقنا ،بين يدي البائع يلوح به مخاطبا أبي : (قس القميص أولا على الطفل و بعده نناقش الثمن) رد عليه أبي: عذرا سيدي لم أحضر معي الطفل إلى السوق، فاستغرب البائع مشيرا إلي و كانه يناولني المعطف، ومن هذا الماسك بأطراف جلبابك؟
بذعرإلتفت إلى الذي حسبته أبي، شد مؤخرة رأسي بيده الخشنة، و بعنف أدارني قبالته، تفرس وجهي مليا، ثم دفعني بنفس اليد التي شدتني حتى كدت أن أسقط مغمى عني.. وبصوت شنيع،سمعته يردد: لا..لا،هذا ليس إبني!
كاد أبي أن ينساني و هو يهرول مذعورا وراء الثور المتوحش، يجر أطراف جلابيبه منتعلا "بلغة" تنفلت بين الفينة و الأخرى من راحتي قدميه وأنا أكبو لاهثا وراء شارته التي تظهر و تختفي وسط زحام من الراجلين ، واضعا نصب عيني جلبابين من صوف، الفوقي أسود و التحتي لا يرى منه سوى مخروط أبيض ناصع، تارة أمسك بأطراف الجلباب وأخرى ينفلت مني...
دخلنا رحبة البهائم، بعنا الثور وبرحنا المكان فورا، خوفا من اللصوص الذين غالبا ما ينشطون في هذه الرحبة بالذات .
اختفت علي شارة أبي برهة، حتى ظننت أني تهت في السوق، لكن سرعان ما اقتربت من الجلباب الأسود و أمسكت بأطرافه دون أن يدرك أبي ما حصل.
في طريقنا إلى رحبة الثوب،مررنا بعدة رحاب مكتظة بالأرهاط، تغلي غليانا ما بين هجيح و ضجيج و أبواق تعلوقرن السماء.
منتشيا بالفرح تحكمت هذه المرة بأطراف الجلباب الأسود ،فاغرا فاهي في الباعة و بضائعهم المختلفة و المتنوعة ، وكذلك في المشتهيات، من حلويات مزخرفة وملونة، و كل الغرائب و العجائب من أنواع وأشكال اللعب و الدمى الجامدة و المتحركة وو.. وكل ما يسيل لعاب طفل في مثل سني، لكني ترجلت و لجمت نفسي ، متوعدا إياها بأن لن أطلب من أبي أي حاجة تغريني مهما علا شأنها، و لو كانت حلوى ... إلا إذا إشترى لي أولا معطفا بدويا أحمرا ذو جيوب كبيرة و نعلا بلاستيكيا أخضرا جميلا كما وعدني بذلك قبل بيع الثور، و بعد ذلك لي من الطلبات ما أشتهي...
تجولنا في السوق زنقة زنقة ، وتنقلنا بين الرحاب رحبة رحبة وأنا ماسك بأطراف الجلباب الأسود و عيني هائمتين بين السلع المعروضة هنا و هناك،أتفرسها بنظرات ثاقبة، و بين الفينة و الأخرى أتساءل عن سر صمت أبي اللامعتاد، وعن قسوة قلبه ، لماذا مررنا ببائع الحلوى يا ترى و لم ينتبه لسيولة لعابي؟ و مررنا كذلك ببائع الإسفنج و لم يشبع رغتي دسما كالعادة؟ لا ، لا.. هذه القسوة ليست من شيم أبي و لا هي من عاداته ، بل ربما لأنه مذعور من اللصوص الذين يجوبون كل أطراف السوق، ثم إن كراسة النقوذ الغليضة قد تكون مخزونة أسفل حجره، لا يمكن إخراجها إلا في مكان آمن ..
كبت كل ما يشتهي هذا الطفل في، و صبرت كثيرا على حالي و نحن نطوف أرجاء السوق، حاكما قبضتي كالعادة على اطراف الجلباب، إلى ان وقفنا على بائع للملابس ، دون شعور جحظت عيناي في أشكال و أنواع المعاطف المعروضة وسرح خيالي هنا وهناك، غير آبه فيما يدور بين أبي و البائع من حوارإلى ان تفاجأت بقميص بني اللون و ليس أحمر كما إتفقنا ،بين يدي البائع يلوح به مخاطبا أبي : (قس القميص أولا على الطفل و بعده نناقش الثمن) رد عليه أبي: عذرا سيدي لم أحضر معي الطفل إلى السوق، فاستغرب البائع مشيرا إلي و كانه يناولني المعطف، ومن هذا الماسك بأطراف جلبابك؟
بذعرإلتفت إلى الذي حسبته أبي، شد مؤخرة رأسي بيده الخشنة، و بعنف أدارني قبالته، تفرس وجهي مليا، ثم دفعني بنفس اليد التي شدتني حتى كدت أن أسقط مغمى عني.. وبصوت شنيع،سمعته يردد: لا..لا،هذا ليس إبني!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق