الاثنين، 29 أكتوبر 2012

انتهت صلاحيته,,




تحسستُ كتفي الأيسر بأصابعي, ورحت أرنو أثر الجرح حيث ترك بقعة صغيرة عليه, هاجمتني صورة وجهه المتجعد وشكله الذي كان يزرع في نفسي الخوف فيذهب معه كل تركيزي...وجدت نفسي  عائدة إلى ذكريات موغِلة في الماضي ,حيث أجلس بجانب ولد لا أطيق مشاركته المقعد ,يبسط ذراعيه على الطاولة . يستحوذ على المكان وعلى بعض أقلامي بكل عنت وتسلط.. فلا يستكين لراحة, ولقد كانت تحدثني نفسي بالنيل منه؛ أقرص خدَّه أو أذنه كي أستعيد نفوذي, فلم أستطع خشية أن ينال مني وقت الاستراحة..كرهته وكرهت معلمي الذي ينفث الدخان في الفصل ,يدور بين الصفوف فتسمع ضرب حذاءه على الأرض ضربا ثقيلا ,كنت أفزع بمرآه وأعانق كراستي والطاولة متظاهرة بحسن الإصغاء والانتباه ,وبينما أتحدث إلى نفسي ازداد خفقان قلبي وتبعثرت نظراتي وجفت شفتاي عن إسعافي  بما تبقى من لعاب ترك في حلقي غصة كادت تخنق أنفاسي ,تراءى لي ظله الضخم يقترب مني ...فجأة أسقط  فتات سيجارته المشتعلة على كتفي,لسعتني لسعة قفزت لها فسرى سمها في أعضائي وتزاحمت الدموع  في عيني نحو السقوط,وأظلم بصري بما خالطه  من عبرات ..,حملت خيوط فستاني المتدلية من على كتفي وأعدتها مكانها كأني لم أضمر بين جبيني حزنا أوألما.مشت في جسمي رعدة الخوف, وانقبض صدري, وخارت قواي, فتغلغل في أعماقي كره وبغض كبيرين.
ذلك الرجل قسى علي,فنفذت قسوته إلى قلبي وقضت على تمثاله الشاخص أمامي ,لم أمسك عن عتابه وتأنيبه في نفسي.ألم يكن باستطاعته حمل خيوط فستاني وترتيبها وإعادتها كما كانت من جديد..؟ ما الذي دفعه ليحرق جلدي بابتسامة ماكرة رسمها مصطنعا النكتة في فعلته..
  باغتني طيفه يوم الأرض وأنا ألج المدرسة من جديد رفقة أصدقائي الصغار..مررت بصري صوب الساحة المكتظة بالأطفال وهم يحيون العلم الأحمر, اختلطت الوجوه الجديدة بالقديمة ولم أعد أكترث بوجوده كما كان في الماضي,غادر منذ زمن باب المدرسة ,انتهت صلاحيته.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق